حلم النبوة

حين ودعت والدتي للمرة الأخيرة...ـ

كنت أدرك أني لن أعود

 ولهذا فقد بكيت علينا

 ومضيت أحلم...ـ


 لطالما حلمت بأن أكون نبياً

 ولكنني كنت أوفر حظاً من أن تهبني السماء يقيناً جديداً

 ولهذا فقد وقفت أمام الناس

 وقرأت الشعر

 ورأيت نفسي في الأسطورة

تلو الأسطورة...ـ

 كنت نبياً لحظتها 

ولهذا -ربما- رحلت

 كنت أتمنى أن أجد الله في الطريق

 ولكنني وجدت العلم...ـ


...ـ

ويوم ربتنا على رأس أحد الرفاق 

كنت الطفل الذي تذكر ملمس فرو الماعز حين تذكر البقية الكلاب

 كنت الطفل الذي يتكئ على الجبال على أمل أن يأتيني الوحي

 والطفل الذي يستيقظ قبل الآخرين ليلعب بالألوان الخشبية

 والطفل الذي يحلم قبل الآخرين ليسبقهم بفضيلة الحلم...ـ


...ـ



وبطريقة ما اتسع العالم

 وبدأت أغني للأيام العابرة

وكلما ضحيت بصديق جديد تمسكت بالذكرى...ـ


 لا أزال في رحلة وداع طويلة 

وكلما خرجت لأتفقد في وجوه الناس أُنساً ما 

أفقدني في أعين الأمهات

 وابتسامات الرفاق

 

كنت صغيراً حين عرفت الحب

 ولهذا فقد انتزعت قلبي ونثرته على باب الله

 كان الحب خطيئتي الكبرى

 لم أصلِّ لشيء كما صليت للحب

 حتى وأنا أرتجف وحيداً في انتظار أن يطعنني الشيطان المختبئ في الظلام...ـ


...ـ



ومضيت أحلم

حتى وأنا أصلي...ـ

 ولا أزال أحلم

 حتى وأنا أقرأ...ـ

 ولم يبد أن للحلم نهاية 

لم يكن اختيار الهندسة صعباً 

هناك بإمكاني أن أمسك بالكون

 وأصرخ: فهمت

 كدت أصرخ هكذا قبل أشهر

 وحين رأيت في وجوه الجالسين برود الكبار

 أطلقت ذاكرتي للصمت

 وسلت وجعاً على شاشتي هذه الآن...ـ


...ـ



وحين أشار الجميع إلي ملتصقاً بالرصيف

 ضحكت والدتي وأخبرتهم أنني سأسبقهم إلى البعيد

 وقد فعلت

 كنت أستكشف ملامح الطريق بيدي

 وقد عرفت يومها أني ولدت بخوف دفين

 ولم أجد بُدّاً من أن أراه ينمو معي

 حتى أنهكني في العشرين

 وحتى توقفت فجأة عن الخوف من الموت

 ...،دون سواه

 

أنا 

الآن

 أقرب إلى أن أكون نبياً من أي وقت مضى

 ربما كان يجب أن أتوب عن الحلم مبكراً

 ولكنني لم أفعل

 فأنا الآن دون أمي...ـ