تأملات

خلف الكلمات -وهو اقتناع قديم لي- هو الجدير بالتعلم، لا منبعها الإتيمولوجي فحسب، بل ارتباطها بالنظام اللغوي ككل، وبوحها الخفيف بخبايا متحدثيها: بالبشري الذي ابتكر اللغة، والبشري الذي يتجلى في اللغة. 

يشد انتباهي مطلع كل رمضان استحضار رمضان في المخيلة الشعبية الإسلامية (العربية على الأقل) لا باعتباره فترة زمنية تبدأ وتنتهي مع دوران القمر، بل باعتباره كياناً حقيقياً منفصلاً بذاته، يكتنف ويجلب الخير بنفسه، لا بأفعال البشر فيه.

حين خلق البشر الآلهة في البدايات، كانت تلك الآلهة بسيطة للغاية، وتشبههم كذلك، بإمكانهم رؤيتها والتفاعل معها، وبإمكانهم رؤية تأثيرها المباشر على حياتهم، إذ كان كل ما يعنيهم في الإله هو صيد وفير ومطر ومأوى، وربما بعض الحاجات الأخرى، ولهذا عبد البشر الطبيعة في البداية، إذ كانت هي كل ما يهمهم...

يفشل اليمنيون في التمسك بهوية جامعة تتجاوز الانتماءات القبلية والمناطقية والأيدولوجية والسياسية، وأنا لا أقول أن هذه الانتماءات غير طبيعية، أو أنها -بحد ذاتها- عوائق أمام تشكيل وعي وطني بهوية يمنية موحدة، ولكن الإشكالية هي في أنها تتجاوز الخلافات الصحية والصور النمطية إلى خلق نزاعات ساهمت وتساهم