وجدتني في صباح خريفي واقعاً في الحب

وجدتني في صباحٍ خريفي واقعاً في الحب، لم أفهم كيف بدأ الأمر، ومتى وأين، كنت قد انتهيت حينها من الكتابة مطولاً، كتبت عن كوني رجلاً لم تحبه امرأة من قبل، عن الوحدة التي تتبخر بها أيامي بعيداً، وعن الشعر الذي أقلعت عن كذباته، ولكنها -وبخلاف كل النساء- رأت في كومة البؤس التي أعرّف بها نفسي شيئاً ما خفيف الظل، والتقطتني كما تلتقط الملائكة حبوب الذرة التي نثرها الله في السماء، لكي ينبت الحب في أكفها..ـ


وبخلاف كل النساء، قرأت كلماتي كلها، حتى تلك التي نزفتها في صمتي، وتلك التي سلبها النسيان، وعلمتني كيف أمسك جرحي حين أكتب، وكيف تروي الجميلات قصة خلق العالم، وعلمتني الحب، حتى وجدتني أكتب لها كل شيء، حتى حين لا أفعل، وأكتب عن غيرها وأنا أعنيها هي، هي باضطراب الأحرف على شفتيها بعد اعترافاتنا الأولى..ـ

كان بإمكاننا أن نلقي روحينا على تلال الألب، ونراقب السماء تنعكس منهما، والنجوم تحاول تقليد تموجاتنا في المساءات البعيدة، وبخلاف ما زعم الآخرون، لم أخسر نفسي في الطريق، كنت أولد في عينيها كلما احتضنتي والغروب، حتى أنسى؛ أحتراق الوداع هذا الأحمر الدموي أم احتراق النهار؟


غنينا الليل المزروع في ماضينا، وحملنا انكسارات بعضنا، ورأينا الحب يشبهنا كثيراً، وكلما تفحصنا ندوبه وجدنا ماضينا فيه، فبخلاف كل من رأوا فيّ النبي، وبخلاف كل من رأوا في الشيطان، رأتني هي مترنحا من لذة الكلمة، وترنحت معي، ولم تجد الملائكة في ترنحاتنا إلا صلوات العشاق، وحسرة العدميين...ـ


كتبت سابقاً عن الجميلة التي تقرأ الفلسفة، والجميلة التي تلعب البلايستيشن، والجميلة التي تفهمني حين أهذي نشوة بريال مدريد، والجميلة التي تجد تاريخي في سراديب النصوص، والجميلة التي تختلس من الأبدية ابتسامتها، ويختلس منها الكون سبباً آخر في الوجود، ولم أكتب يوماً أحرفها الخمسة خوفاً من أن أبعث الخرافات في رؤوس الناس، ولكن ما يهم هو أنني أستيقظ كل صباح وأجد نفسي قد وقعت في الحب، دون أفهم كيف ومتى وأين...ـ