امرأة بلون القمح

لم أجد في نفسي الرغبة يوماً في أن أترك قلبي مع أوروبية. لا عيب في ذلك، لا عيب إطلاقاً، ولكن حنيناً ما يدفعني إلى أن أعد النجوم مع امرأة مثلي، تدرك تماماً تحت أي نجمة خبأت وجعي، وكيف اتسعت السماء للكلمات التي لم أقلها. امرأة تنشر أحزاننا فوق خيوط الشمس الأولى، وتعرف كيف تنهمر بحنانها من رؤوس الجبال..


امرأة بلون القمح، ودلال القمح، وذاكرة القمح، كلما فتحت يدها للسماء رأت حفنة من قصيدة، امرأة تفهم أي ضمة هي تلك التي يبدأ عندها حُزننا، وأي الأمنيات تستحق أن تدفن معنا إن لم نجد حبنا مثلها.


الجميلات هنا يتناثرن مع البتلات المتطايرة في الربيع، مرسومات في تقاسيم المدن العجوزة، والمدن الجامحة، والمدن الهادئة والكادحة، وهن على انتشارهن في الحكايات، وانسيابهن كالهواء من جانبيّ في الرصيف لم يكن ليشبهنني، أو لم يكن بمقدورهن يوما أن يرفعن قلبي على ريشة، مداريات جراحه، ومتفهمات للدخان الذي يملأه، أو ذاك الذي أصابه من أثر الحرب..


الجميلات هنا ناعمات كالسحاب، ودافئات كالحنين المنساب من فرن والدتي، وممعنات في نقش شفاههن في ذاكرة الرجال، ولكنهن لا يمكلن قلبا كقلبها، قلبا تائها كقلبي وقلبها، ومستعدا بعنفوانه كله لتحسس الطريق، والانسكاب على الأخطاء والقدر دفعة واحدة. قلبا يرتعد كقلبي من الرعد، والرعد ابن الحرب.


أستيقظ صباحاً وكل أملي أن أرى امرأة تقرأ للشمس شعري، وتنسجه حُلماً لا يخيب. ربما ما كنت لأستيقظ لولا وقع أمل كهذا، ربما كنت لأبقى مبعثراً على أمل أن ترفعني دمعة دمعة من رصيف، وتعيدني رجلاً يترك وجعه تحت النجوم، ويترك قلبه في يديها، دون خوف، دون تردد، ودون مراجعة الذكريات..