نمطية الجمال

بعض النساء لسن جميلات للغاية، أعني الجمال بتعريفاته النمطية، على اختلافها، ولكن بمقدورهن حبس الزمن في صدى خطواتهن متى ما عبرن أمامي. فاتنات هن، بطريقة لا أفهمها، وكلما مالت إحداهن على حافة الضوء أجدني أقف لأحملها في خيالي، وأنسى أنني مررت قبلها بمئات الفاتنات، إذ وفي عبورها ذاك لا يكون في الوجود غيرها، حتى أظن الله يزرع السماوات في عينيها، أو هي تهديها النجوم الوحيدة...


ورجل مثلي لم يعرف من النساء إلا مرورهن الخفيف إلى النسيان، ونظراتهن إلى الفراغ حيث يقف، لا يملك إلا تلك اللحظات التي يختلسها من الزمن، ويحيي بها لياليه الباردة، ونصوصه المتهالكة. أفكر عادة في عيونهن الناعسة، في الطريقة التي يزممن بها شفاههن، والطريقة التي يزِحن بها الليل عن جباههن، أفكر في طيف الشمس المتمسك بخدودهن، والطريق الذي يتمسك بالأفق ليحظى بهن لخطوة أخرى بعد..


ربما هي شخصياتهن، وربما هو أنا الهش، وربما هو اللامألوف، والجموح الذي اكتسبنه بعيداً عن الإطراء الذي تحظى به الأخريات، ما يهم هو أنني أجد في حضورهن معنى للوجود، وأتمنى لو أخرج من قوقعة الحظ لأحظى بحضورهن، لا كخليلات، إذ أجد من الحماقة أن يحلم رجل مثلي بهن، ولكن كالأفق، مهما أدركنا أننا لن نصل إليه، ندين له بالحياة، ونرمي -مع الشمس- كلماتنا وراءه. كل ما أتمناه أحياناً هو أن يعيش السحر أكثر، وأن أجد عطورهن في الأغنيات التي نتشاركها سوياً، وأن تقول إحداهن "أحبك" وتمضي إلى الغد، تاركة بحراً مرتجفاً يكفيه التردد على ذكراها...