يوقظني الحنين... يفزعني الحنين

يوقظني الحنين في السابعة، كل يوم، وأقف فزعاً باحثاً عن طيف والدتي، كنا قد اعتدنا الاستيقاظ في الخامسة، وأن نرمي بروحينا في كفي الله، حتى حين لم يكن الله هناك لنا، وحتى حين لم نجد في الصدى إلا أوجاعنا. كنت أظنني أبحث عن أنشودة تحملني إلى السماء، ولكنني اكتشفت أنني أنقب في خجل الصباح عن عيني والدتي، لأشعر أن العالم لا يزال بخير..


يوقظني الحنين في السابعة، كل يوم، وأسكب مخيلتي كلها بحثاً عن قصيدة جديدة، وأفشل، لم أكن شاعراً يوماً، ولكن القصائد التي انهمرتُ في همسها علقت في شفاه إحدى الجميلات، ووجدتنا نسكر في وجع الحب، والبعد، والأمنيات، وحين علقنا في محطات القطار، والشواطئ التي غمرها الليل، والأزقة التي نسيت خطواتنا فيها، لم يكن ليضمّنا غير القصيدة، فكتبنا -كلانا- الأيام في الطريق، ولم نعد يوماً..


يوقظني الحنين في السابعة، كل يوم، وأكرر نفسي إلى الغد، كما تفعل العجلات، والعائدون إلى الله، غير أنني كلما نظرت في صورة لي لا أجد الزمن جامداً فيها، يسابقني أمسي إلي، وأهرب منه إلى الغد، إلى أي شيء آخر، ولم ينفعني جدول الضرب، وقوانين الحركة، ولا تفريقي بين الضاد والظاء، ولم يجدِ تغييري لأسلوب الكتابة، وقصة الشعر، واللغة، والأمنية، لا يزال يومي شبحي الوقعِ، لا أرى فيه إلا أملي في الغد..


يوقظني الحنين في السابعة، كل يوم، وأكتب نصاً يكرر نفسه باحثاً عن شيء يستحق الكتابة، ولا شيء، لا شيء في هذه اللحظة يستحق الكتابة، إلا أنني أكتب على أي حال..